آخر الأخبار

جاري التحميل ...

حقيقة حزب البعث وتكوينه .. مقتطفات مهمة

حقيقة حزب البعث وتكوينه للدكتور طه جابر العلواني مقتطفات مهمة



وإذا كانت تركيبة القيادة بالشكل الذي وصفنا فإن تركيبة الحزب – كلها – لا تقل عنها عجباً في إثارة الشكوك والتساؤلات عن تلك القيادة الثلاثية، فقد ضم "حزب البعث" في صفوفه الأولى غالبية من أبناء الأرياف الذين انتقلوا من القرى والأرياف إلى مراكز المحافظات التي تتوافر فيها المدارس الثانوية لمواصلة الدراسة، وكانت الخلايا الأولى للحزب تستقطب أبناء طوائف معينة "فاللوائيون" أو أبناء "لواء الاسكندرون" الذين استطاع عفلق أن يستقطبهم حوله - بعد محاصرة الارسوزي - وهم من اتباع الارسوزي سابقاً، كانوا ينتمون إلى الطائفة "العلوية" فصار هؤلاء دعاة للحزب بين أبناء طائفتهم من شباب جبال العلويين ليجندوا دعاة آخرين للحزب من أبناء ثانويات اللاذقية والساحل.
وكان لعفلق صلات عائلية بحكم انتمائه إلى عائلة نصرانية تسكن حي "الميدان" في "دمشق" وتتعامل مع الجنوب – أي حوران وجبل العرب "الدروز" – ولها صداقات مع بعض الأسر الدرزية سرعان ما وظفها للوصول إلى طلاب الثانويات الدروز في دمشق والسويداء مركز محافظة جبل العرب، وقد تحددت بنية الحزب منذ البداية بطبيعة البنى الاجتماعية التي انحدرت منها تلك العناصر الحزبية الأولى: فكانت بنية ريفية من نوعية أنصاف المتعلمين من طلاب بالدرجة الأولى ثم أساتذة وموظفين. ومن جذور طائفية محددة؛ تأتي بالدرجة الأولى منها الجذور العلوية، ثم الدرزية، فالإسماعيلية، فالمسيحية. وقد ترتب على ذلك أمور كثيرة


كان هناك أستاذ ثانوي هو – زكي الارسوزي – من أبناء لواء "الاسكندرون" بعد أن درس الفلسفة في فرنسا ، وتخرج فيها ، واتصل بما كان الفكر الفرنسي يموج به في تلك المرحلة من أفكار فقد عاصر الرجل اليسار الفرنسي وتتلمذ على بعض رموزه وحاول توظيف جوانب من الفكر اليساري الفرنسي في التركيبة البعثية القومية العربية بنجاح أغرى شباب ذلك الجيل ولفت أنظارهم إليه، فقد حول حصيلته الفكرية إلى إيديولوجية مثالية يمكن للمتعلمين الباحثين عن عقيدة للعمل والتنظيم


فقد ولد (حزب البعث)في سنوات الحرب العالمية الثانية وفي ظل احتلال الجيوش البريطانية، وبقايا القوات الفرنسية لقلب العالم العربي، وعلى أيدي قادة تحيط بهم الشبهات من كل جانب، ولا يخفى عجزهم الفكري والجهادي على متابع لتلك الفترة الدقيقة الحرجة من تاريخ سوريا ولبنان والمنطقة.


وبذلك شرع "عفلق" (مؤسس حزب البعث القومي العربي )للقسوة والاضطهاد واعتبر الطغيان مشروعاً للطلائع، لها الحق أن تمارسه على الأمة وفي مصلحتها، وذلك قد يفسر ظاهرة استخدام الفنانين والأدباء، شعراء وكتاباً، محامين وأطباء وطلبة، ومعظم مثقفي الحزب، للتنويه بالقسوة والاضطهاد والإشادة بهذا الحق، حق القسوة، بهدوء ولذة، ومن لم يستطع منهم الممارسة فليمتع نفسه بالفرجة على الضحايا. أما القسوة إذا صدرت عن غير الطلائع فهي وحشية وإرهاب حزبيّ يفعله قوم هم أعداء أنفسهم قبل أن يكونوا أعداء تلك الطلائع .

يتحدث مطاع صفدي في مؤلفه "حزب البعث" عن آراء عفلق: بأنها "تنصب على الوصف والمبالغة، وصف عظمة الأمة العربية، ورفعها إلى مستوى الوجود الخارق، وإضفاء مختلف القدرات الفردية والخطابية عليها ، ولكن ما هي القيم الجديدة التي عمل عفلق وطليعته على تجسيدها في العراق الذي ابتلي بحكمهم؟ وما هي طريقة التفكير القومية البعثية الجديدة التي حاول "حزب البعث العربي الاشتراكي" إرساء دعائمها في العراق المنكوب؟ يتحدث مطاع صفدي في مؤلفه "حزب البعث" عن آراء عفلق: بأنها "تنصب على الوصف والمبالغة، وصف عظمة الأمة العربية، ورفعها إلى مستوى الوجود الخارق، وإضفاء مختلف القدرات الفردية والخطابية عليها، وتنزيهها عن أية مفسدة أو نقيصة، وقد مهد عفلق أذهان أتباعه للاعتزاز بمرحلة "الجاهلية" من تاريخ العرب خاصة، واعتبار هذه الجاهلية بمثابة الأصالة الكاملة للوجود العربي، والقائد المؤسس يبدو تلميذاً فاشلاً وهو يحاول إسقاط فكرة "العصبية" الخلدونية ويعبر عنها بأفكاره. وبالمقابل حاول فكر عفلق إضعاف المرحلة الإسلامية، ولو بطريقة غير مباشرة واعتبارها مرحلة تساهل أدت إلى خلط العرب بغيرهم وإضعاف بعض خصائصهم إلى حد كبير" ، ولذلك أعاد تفسير الإسلام، وفسره كما فسر القومية العربية تفسيراً بعثياً يتناسب وذلك التوجه.

ولكن لو عدنا لفلسفة "عفلق" (مؤسس حزب البعث القومي) في "التاريخ وتفسيره للتاريخ العربي" وتناولنا مقولته: في أن التاريخ يتألف من حلقات تتراوح بين الصعود والهبوط لأدركنا على الفور أن تمجيده الحماسة والشعر والخطابة في الأدب لأنها كانت فعلاً بعض مميزات "الجاهلية" عهد ما قبل الإسلام، وأن إشاعته الثقافة الفرنسية، ودراسته فلسفة برجسون، لأن عفلق أخذ منه صياغة مذهبه في عدم الاعتراف بالتحليل. وبذلك يحقق عفلق عدة أهداف أولها: إحداث قطيعة بين الشباب العربي والإسلام والتراث الإسلامي، وتعويضهم عنه بالتراث الجاهلي، ثم العبور بهم من الجاهلية إلى ما انتقاه من فلسفة برجسون وهيغل وهردر وماركس. فالإسلام ملوم – في نظر عفلق – لأنه فتح الباب لخلط العرب بسواهم "ألم يكتب طلفاح "خال صدام حسين والقيم على تربيته" كتاباً يلوم فيه الخالق تبارك وتعالى لأنه خلق الفرس والأكراد والذباب". وأنه- سبحانه وتعالى - عمّا قال خال صدام علواً كبيراً كان مخطئاً في ذلك.


فلم يكن لدى البعثي ما يتعارض مع انتمائه الإسلامي حسب ذلك التفسير حتى لو رفض الإسلام شريعة وعقيدة وتبنى الماركسية اللينينية بديلاً عنه، وتأمل قول شاعرهم:
آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثاني
أو ما قاله شاعر بعثي آخر لصدام حسين:
تبارك وجهك القدسي فينا كوجه الله ينضح بالجلال
ويقول القائد المؤسس:"إن تأثر الشباب بالأدب والحماسة الشعرية والأساليب الخطابية المباشرة أقوى من تأثره بالدراسة الجادة"، فانطلق المثقفون الثوريون من الصفر في تاريخ أمتهم، ومازال تاريخ العرب مجهولاً حتى اليوم عند هؤلاء المثقفين البعثيين




بقلم : مولاي أمين

بقلم : مولاي أمين

يوتيوبر جزائري و مدون عربي ناشئ يهتم بكل ما هو جديد في عالم التكنلوجيا و التقنية و هدفه الأول هو تصحيح الأفكار و الدروس الخاطئة التي تنشر في الويب .

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

عن الموقع

تغريداتي

جميع الحقوق محفوظة

هواة المطالعة

2016